السبت، 14 نوفمبر 2009
مباراة مصر والجزائر.. الأخوة قبل المونديال
عند دقات الساعة السابعة والنصف من مساء غد، يضع الجميع يديه على قلبه، وتحبس الجماهير العربية أنفاسها، ليس فقط لمتابعة مباراة كرة قدم "عادية" بين فريقين عربيين شقيقين هما مصر والجزائر، في إطار الجولة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم بجنوب إفريقيا 2010م، ولكن أيضًا خوفًا لما قد يحدث بعد المباراة من أحداث جسام، بدأت بشائرها بوقعة تحطم أتوبيس لاعبي المنتخب الجزائري، والذي أثبت تقرير المعمل الجنائي أن إتلاف الأتوبيس تم من الداخل، كما تم تهشيم الزجاج، وجاء اتجاه الكسر والتصدعات والشروخ الموجودة في الزجاج؛ لأنه تعرَّض للضرب بأجسام صلبة من الداخل أدَّت إلى تكسيره.
وبعيدًا عن البحث عمن المتهم ومَن المجني عليه، فإن الخروج عن النص كان هو المشهد المسيطر على هذه المباراة، التي ظلَّت الفضائيات تقوم بعمليات شحذ لنفوس كلا المنتخبين ومشجعيهم، ففي كل الدنيا تقام مباريات مهمة وصعبة ولا نرى لها كل هذا الضجيج.
هذه المباراة تدق ناقوس الخطر؛ حيث حذَّر خبراء علم النفس من عواقب وخيمة قد تُلقي بظلالها عقب المباراة في حالتي الفوز أو الهزيمة لمصر بالذات؛ لأن الجمهور وصل إلى حالةٍ من الشحن المعنوي، والتي تجعل رد فعله مبالغًا فيه في حالة الفرح بالفوز أو الحزن من الهزيمة.
بعض العقلاء طالبوا الجميع بالهدوء، خاصةً أن فريقًا عربيًّا سيصعد لنهائيات كأس العالم، سواء كانت مصر أو الجزائر، لكن ممارسات كلا البلدين قبل المباراة لم تسمع لهذا النداء، فقدمت الجزائر شكوى للفيفا تطالب فيها بتأجيل موعد المباراة يومًا واحدًا، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض.
بينما تورَّط مسئولو اتحاد كرة القدم في مصر في بيع تذاكر المباراة في السوق السوداء؛ حيث ألقت أجهزة الأمن القبض على 4 أشخاصٍ استولوا على ألفي تذكرة من مباراة مصر والجزائر، من بينهم اثنان من مسئولي بيع التذاكر باتحاد الكرة؛ حيث ضُبط المتهمان وبحوزتهما 26 دفترًا تحتوي على 1300 تذكرة من الدرجة الأولى والممتازة والثانية والثالثة، وبمواجهتهما اعترفا ببيعها بأسعار تفوق أسعارها الحقيقية بفارق ربح يتجاوز الـ250 ألف جنيه، كما ألقت مباحث أكتوبر القبض على اثنين من العاطلين؛ وهما محمد بيتر وكريم ياسين، بالحي السابع بمدينة أكتوبر، وعثر معهم على 700 تذكرة، وقالا إنهما حصلا عليها من أحد المنافذ الرسمية مقابل أن يأخذ المكلف بتوزيعها رسميًّا جزءًا منهم، واعترفوا بأنهم كانوا يبيعون التذكرة بثلاثة أضعافها.
كما كشف مصدر مطلع أن ما تم بيعه فقط من إجمالي الـ67 ألف تذكرة هو 6 آلاف فقط، والباقي تم تسريبه سواء بعلم أو بدون علم مسئولي اتحاد الكرة.
فخرج الجميع عن النص، كما أن المباراة التي من المفترض أن تكون بين شقيقين عربيين وإسلاميين، انتقلت من ملعب كرة القدم إلى الصحف والفضائيات والإذاعة ومواقع الإنترنت والمدونات؛ لتصل إلى حربٍ ضروس؛ وكأنها معركة حربية بين عدوين، يريد كل منهما أن ينتصر فيها بصرف النظر عن الخسائر.
ولم يقف الاهتمام الإعلامي بالمباراة عند صحف البلدين، بل تعدتها للصحف العالمية التي اهتمت بالمباراة، وكأنها المباراة النهائية لكأس العالم؛ حيث اعتبرت وكالات الأنباء الغربية المباراة المقبلة بين المنتخبين "مباراة كراهية" بامتياز، خصوصًا أن هناك العديد ممن يغذون هذا الأمر من الجانبين!!.
في الوقت نفسه، وتأكيدًا أنها لم تعد مباراة كرة قدم؛ "أرسل الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" تحذيرًا شديد اللهجة لاتحادي البلدين من وقوع أعمال شغب بين الجماهير، مطالبًا بضرورة التحكم الجيد في أفعال الجماهير خلال اللقاء؛ تجنبًا لوقوع صدامات بين الجانبين، وحرصًا على سلامة الوفد الجزائري.
المباراة أعادت التاريخ نفسه بالنسبة إلى المنتخبين عندما أوقعاهما في الجولة السادسة الأخيرة وفي منافسة على بطاقة المونديال على غرار عام 1989م عندما التقى المنتخبان في القاهرة من أجل التأهل إلى مونديال 1990 في إيطاليا، وكانت الغلبة للمنتخب المصري بـ"هدف" لـ"لا شيء" في مباراة أسالت الكثير من المداد فنيًّا وشغبًا.
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن اتصالات هادئة تُجري بين وزارتي الخارجية في مصر والجزائر بهدف تخفيض حدة التوتر التي أعقبت ملابسات وصول البعثة الجزائرية مساء الخميس إلى القاهرة.
والأكيد أن المواجهة حاسمة بالنسبة إلى المنتخبين اللذين استعد كل منهما في سريةٍ تامة ويعرف كل منهما الآخر، فالمنتخب المصري يسعى إلى تأكيد أحقيته بأبطال القارة في السنوات الأربع الأخيرة وضمان التأهل إلى المونديال للمرة الثالثة في تاريخه بعد عامي 1934 و1990م، في حين يُمني الجزائريون النفس بالعودة إلى المونديال للمرة الأولى منذ عام 1986م والثالثة في تاريخهم بعد عام 1982م.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق